کد مطلب:350942 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:150

الجواب عن المؤید الأول: استمرارهم علی عدم العلم الحاضر
أما دعوی استمرارهم فی الأقوال والأعمال علی عدم العلم

الحاضر فشئ لا یمكن دفعه فی الجملة، وعلی نحو الموجبة الجزئیة، ولكن تظاهرهم بالحاضر أكثر، ویشهد له فی القول ما سبق من تلك الطوائف، وفی العمل ما وقع لهم من الأخبار بالملاحم والمغیبات، والأخبار عما یعلمه الناس وعما سیعلمونه وعن وساوس الصدور، ومناجاة النفوس، وهذا شئ أصبح من الجلاء والظهور بحیث یعد البرهان علیه فضولا، والاستشهاد له یكون هذرا، وهذه (مدینة المعاجز) وقد ذكرت لكل إمام من أئمة أهل البیت علیهم السلام من أمثال ما أشرنا إلیه الجم الغفیر، بل وهذا (نهج البلاغة) أمام باصرتك فیه من ذكر الملاحم، والأخبار بالمغیبات الشئ الكثیر. لربما یكون تظاهرهم أحیانا بعدم العلم هو من العلم الحاضر نفسه، لعلمهم بزنة عقول الناس ومقادیر مداركهم، وعسی أن یكون من حضر أو سمع أو یسمع لا یأمنون علیه من الشذوذ فی العقیدة، وقوله فیهم بما لیسوا فیه، فیظهرون بعدم العلم دفعا لذلك المحذور. أو یخشون من أعدائهم إذا بلغ مسامعهم ذلك القول أو العمل،



[ صفحه 72]



فیحملهم علی التنكیل بهم أو بأولیائهم. وقد أشارت كثیر من تلك الأحادیث إلی أنهم لا یستطیعون أن یعلنوا بكل ما أوتوا من العلم، فإنهم قالوا: لو كان لألسنتكم أوكیة لحدثنا كل امرئ بما له وعلیه [1] وقالوا: (لو وجدنا مستراحا لقلنا والله المستعان) [2] .

وقالوا: (إن العالم لا یقدر أن یخبرك بكل ما یعلم [3] وقال أمیرالمؤمنین (ع): (إن ها هنا علما جما لو وجدت له حملة) [4] فعدم

تحمل الناس لعلومهم، والحذر من الشذوذ فی المعتقد فیهم، والخوف من سطوات أهل الظلم والجور، وغیر ذلك مما هم أعلم به، هو الذی دعاهم إلی ذلك الظهور أحیانا بعدم العلم الحاضر. علی أنه یمكن الجواب عن كل حادثة من تلك الحوادث التی وقعت منهم، ودلت علی عدم العلم. فأما رفع الستر فلعله كان لاطمئنان أبی بصیر وكیف یعلم بخبیئة أبی بصیر حین دخل علیه ولا یعلم بما وراء الستر. وأما بقاء اللمعة، فلعلها كانت من تخیل الناظر. وروایة الصادق علیه السلام لها من ذلك الشأن الذی أشرنا إلیه أو لتنبیه الناظر أن



[ صفحه 73]



لیس علیه من بأس إذا لم یخبر، وإلا كیف تبقی لمعة والغسل كان ارتماسیا، وكیف لا یستولی الماء علی جمیع بدن المرتمس. وأما القئ فلعله كان مجاراة للمخبر، ولو أصر الإمام علی أن البیضة لم تكن مما اكتسب من القمار لاتهم المخبر الإمام أو غیر ذلك مما یكون من المخبر لتصدیق خبره. وبالجملة إننا لا ننكر أنهم قد یتظاهرون أحیانا بعدم العلم قولا أو فعلا، إلا أن لذلك وجوها جمة لا تخفی علی البصیر، فلا توجب أن تحمل تلك الأدلة الصریحة بالعلم الحاضر وتصرف عن وجهها لبعض تلك الظواهر.


[1] الكافي: كتاب الحجة: باب أن الأئمة عليهم السلام لو ستر عليهم لأخبروا كل امرئبما له وعليه.

[2] المصدر السابق: باب إنه يجمع القرآن كله إلا الأئمة (ع) وأنهم يعلمون علمه كله.

[3] وصية الصادق (ع) لمؤمن الطاق.

[4] نهج البلاغة.